كيف أصبح كاتب وإعلامي ج2 المصدر/منتديات الصحفي
إن وضع معلومة خاطئة فيموضوع ما , كاف لأن يلقمك حجراً ويسد طريقك بحجر . تذكر ان الاف القراء وربما الملايين سيقرأون ما كتبت , ولكثير منهم عيون مفتوحة وبصر نافذ وذاكرة نشطة وهو غيورون على ما يقرأون ومتطلبون كأقصى درجات التطلب . ومنهم من هو على استعداد للكتابة مندداُ او معترضاً على أي خطأ او تحريف او تضليل . ان التحذلق باستعمال كلمات عويصة على الفهم لمجرد ادعاء معرفة او التباهي بثقافة او الزهو بمكانة , سلاح صدئ كثيراً ما يرتد الى صدر الكاتب المدعي , فالقارئ ملول صدود , لن يكلف نفسه عناء فتح القاموس كل دقيقة ليستعلم عن معنى او يستوضح عن اصطلاح , الكلمات غير المتداولة والغريبة والتقعرة صعبة على القارئ العادي مستهجنة عند القارئ المتخصص . وهذا لا يعني التمادي في استعمال الالفاظ والكلمات البسيطة حد السذاجة , الكثيرة التداول حد الاهتراء . فالاغراق في التعالي على القارئ اوافتراض غبائه وتسطحه , يجعل من كلمات الموضوع كومة من فحم وسخام او كدساً من حجارة لا يتورع القارئ عن ركلها بقدمه ويمضى عنها دون ان يلتفت ولو التفاتة غضب . نوع الكتابة الصحفية الموضوع الذي يكتب للصحيفة , مجلة او جريدة , ليس محاضرة تلقى على طلاب مدرسة ابتدائية او مدرج جامعة , ليس رسالة دكتوراه ليس دراسة اكاديمية , ليس تقريراً ادارايا او سياسياً يقدم لرئيس مؤسسة , ليس خطبة في محفل . انه ليس احد تلك الانماط انما يتضمنها جميعا , فيا للعناء الذي يلقاه الصحفي وهو يحاول جمع كل تلك الانهار في مصب واحد ويدعو الناس للاغتراف والشرب دون غصه . الموضوع الصحفي الناجح , ينبغي ان يثير اهتمامات القراء على مختلف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية والسياسية , انه يخاطب العامة والخاصة , المحترفين والهواة , انه يتوجه للطالب والاستاذ والاقتصادي والسياسي والاداري ورجل اعمال , يستدرجهم ويغريهم ويجرهم طواعية وعن رضى وطيب خاطر للقراءة . وفي اللحظة التي يكون فيها العنوان الموحي قد اثار شهية القارئ والبداية البارعة قد أنشبت أظفارها في عيونه , عند ذاك تجئبراعة الكاتب الصحفي ومهارته وقدرته على الامساك بتلابيب المتلقي ومنعه من القاء الصحيفة جانباً او ملالا وحمله على التهام الموضوع حتى اخر مضغة فيه . الجمل القصيرة افضل من الطويلة . وفي دراسة أعدتها احدى الجامعات الامريكية ثيت ان 10% من القراء فقط يفهمون الجمل الطويلة التي تزيد على 25 كلمة هذه القاعدة يمكن خرقها عند استثناءات الضرورة شرط الا تخب بجماليات الجملة ولا ببلاغة الكلمة , وقد ينصح بها الكاتب المستجد غير التمرس الذي لم يعجن الكلمات ويخبزها بعد . ولكن جعل كل الجمل قصيرة , مخل ايضا. فالموضوع واسلوب عرضه هو الذي يفرض نفسه في احتيار طول الجملة لا تتشبث بنوع واحد من الجمل ولا تشغل بالك بعد الكلمات كلما انتهيت من كتابة المقطع , ان ذلك يشتت الافكار و يفسد جمالية الفكرة , علاوة على انه مربك ومفسد لمتعة التواصل في الكتابة . الجمل الطويلة تهدهد القارئ وتدفعه للملال وربما للنعاس . اما القصيرة فتحفزه وتحثه وتدفعه للوثوب بين المقاطع بخفة وحيوية واندفاع . لا بأس ان يستعين الصحفي ببعض تجاربه الشخصية , وا تجارب الاخرين او اقوالهم , وما يتحصل له من قراءة المقتبسات او الفهارس او امهات الكتب على ألا يتمادى في الاتكاء على تلك الاراء او يتعكز على الكتب ز ليس هناك اسوأ من موضوع صحفي ,يبدأ بداية حسنة وينتهي بخاتمة غير موفقة .انه دلالة سيئة على الافلاس والعي واشارة على استنفاد كل ما في الجعبة من أفانين اللعبة , لا مناص من اختيار نهاية مقنعة للموضوع , سلباً كان ام ايجاباً , تأزماً كان ام فرجاً . ومهما كانت اسباب العجز عن ايجاد نهاية مقبولة فلا ينبغي التخلي عن بلوغ تلك الغاية .اما اذا كان العجز فادحاً فخير طريقة للتخلص من المأزق ترك النهاية مفتوحة , بأشراك القارئ وتوريطه في حيرة البحث الدائب عن نهاية معقولة للموضوع . اللقاء الصحفي من مزايا الصحفي الناجح قدرته على اجراء اللقاءلت مع الناس وادارته الحوار بلباقة وذكاء , بمهارة وحذق . خير مثال على ذلك حوارات البارع محمد حسنين هيكل مع القادة والزعماء الذين ادار معهم الحوار ومزج التاريخ بالجغرافيا بالسياسة بعبق البخور ونكهة التوابل . قد يتعلل كاتب مبتدئ ويبرر : من يرتضي مقابلتي وانا كاتب مبتدئ لم يسمع به احد ولا يثق بقداراته احد ؟ والجواب يحتمل الوجهين , فاذا كانت مقابلات الاثرياء والمشاهير والقادة وكبار السياسيين او رجال الاعمال , مقصورة على نفر معروف من الصحفيين فكيف يبدأ هؤلاء مهنتهم ؟ لقد بدأوا المقابلات من أسفل السلم . ثم ارتقت مهاراتهم بالصعود . ان الصحفي الناشئ لا يعدم ان يجد احدا يجري معه مقابلة ساخنة تتحدث عنها الاوساط الصحفية , الادبية , وربما السياسية . أحد الصحفيين في العراق اجرى مقابلة مع شحاذ . ثم اراد خوض تجربة المعاناة التي تحدث عنها وتفاعل معها , فخلع ثيابه الغالية وارتدى أسمال شحاذ , لشهر كامل وهو يعيش بين الشحاذين يأكل من طعامهم , ويتحدث أحاديثهم , ويتعرف الى مصطلحاتهم الغريبة ويفض أسرار المهنة , وكان تحقيقه عن الشحاذة والشحاذين مدار حديث المدينة لبعض الوقت . او ذاك الصحفي الذي اجرى لقاء مع المعوق النابغة الذي يرى الالوان باللمس بعد فقدانه البصر . او الحوار مع تلك المرأة التي أستطاعت الحفاظ بزوجها لمدة خمسة وعشرين سنة دون ان يخونها او تخونه . هناك مواضيع لا عد لها ولا حصر لها , نفر من الناس من كل الشرائح الاجتماعية ومن كل الاجناس . يمكن اجراء مقابلاات فيها متعة وطرافة وكدسمن خبايا الاسرار والمعارف . ثمة كتب عديدة بالانكليزية , تعلم فن أدارة الحوار وكيفية أنجاح مفابلة ببراعة ومهارة وحذق . في أثناء المقابلة لا تجعل من نفسك علامة له في كل علم باع . ولا تستصغر شأن نفسك فتبدو ضئيلا امام محدثك العملاق , حاذر من احراج الاخر - رجلا كان او امرأة - بالسؤال عن عمره وحسبه ونسبه او عائلته او عمله , او تحمله على فض سر من أسراره , استدراجاً وا عنوة . اللهم الا اذا رغب الاخر بذلك . او دعا اليه دعوة صريحة . البداية مهمة لكسب ثقة الاخر والفوز بأعجابه , ( ليس بالضرورة كسب محبته ) باضفاء انطباع التواضع مع ما عندك من علم غزير . وجمع الادب مع ما عندك من شهرة , أياك والتعالي عند التحدث مع محدثك , مهما كان شأنه او منزلته او مقامه , أنثر نثار الألفة والمحبة بينك وبين محدثك , وما ان تنكسر حلقة الثلج القائمة بينكما عند ذلك يمكن تنفس الصعداء , وتوجيه ما تشاء من الاسئلة دون اخلال بقواعد المقابلة او قوانينها او شروطها . لا ينصح ابتداء بتسجيل اي شئ على الورق قبل ان ينكسر جدار الثلج . فالشخص المقابل سيتحرز من كل كلمة يقولها , وسينصت الى نبض السؤال واحيانا سيزعجه حتى صرير القلم . من المستحسن توجيه سؤال للشخص : هل يمكنني تسجيل بعض النقاط للاستهداء ؟ ولكن احرص - في مقابلات من هذا النوع - ان تبدأ بتسجيل كل ما علق بذاكرتك حال انتهاء المقابلة . فالاسئلة والاجوبة ما زالت تنبض بحيويتها وحرارتها , اجلس للكتابة على التو لا تدع الامر لليوم التالي وا الساعات التالية . ستجد في الغد ان الموقد قد خبت جمراته , ولم يبق في الذاكرة الا اشباح اسئلة وظلال جواب . شيوع الات التسجيل الحديثة ساعد كثيرا على التخفيف من عناء الصحفي الذي يلتمس المقابلة . ولكن حتى مع الات التسجيل فكثرة من الشخصيات لا ترتضي تسجيل المقابلة على شريط اللهم ألا ان تكون محاضرة او ندوة للنقاش او للمداولة . ان اللجوء الى ألة التسجيل , يعفي الصحفي من كثير من الاتهامات التي قد يوجهها الاخر للصحفي , أنه تلاعب بالألفاظ او حور بالكلمات , حيث يمكن اعتماد التسجيل نفيا لكل اتهام او سوء فهم . ولا يغيب عن البال فحص جهاء التسجيل قبل البدء والتأكد من سلامة الشريط وصلاحية الجهاز للعمل , واصطحاب شريط أضافي تحسباً من طول المحاضرة او تشعب اللقاء . لقد ضيع كثير من الصحافيين أجمل اللقاءات واحلى المقابلات , حين اكتشفوا بعد العودة الى البيت ان الشريط قد حشر في الألة بعد الدقائق الاولى وليس على الشريط الا همهمة لا تكاد تبين . الكاتب الناجح لا يكتفي بالمقابلة , انه يود التواصل مع " ضحيته " لاستخلاص اكبر قدر من المعارف والمعلومات , سيما اذا كان الاخر شخصية مرموقة في الثقافة او الاقتصاد او العلوم . فيسأل عن امكانية أعادة الكرة كلما اقتضى الامر , ولا بأس من التبسط معه وطلب رقم هاتفه او عنوانه , ليهاتفه او يكاتبه كلما جد جديد . لا تكن خجولاً ولا متردداً . الصحفي البارع يتنامى بالأدب الجم , بالحياء , ويتضاءل بالخجل , يحييه الاقدام ويقتله التردد , وهو الذي ما اجل مهامه الكشف بالاقتحام . ان ارفاق المقابلة بصورة او صور معبرة عن الموضوع , يعزز من قيمتها الموضوعية والتوثيقية , ويمنحها عمقاً ودلالة . حبذا لو اصطحب الصحفي كاميرته معه عند التوجه لمثل تلك المهام . المقالة الصحفية : اذا كان من صلب وظائف الكتابة , الاخبار والامتاع والتأثير والاقناع , فأن المقالة الجيدة تؤدي وظيفتها على احسن وجه .